بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 11 مارس 2018

الزين فالثلاثين او ساعة الصفر

الزين فالثلاثين أو ساعة الصفر لعبد المجيد سباطة
رواية صادر ة عن المركز العربي في طبعتها الأولى 2017 في 480 صفحة
العنوان المخاتل لم يكشف عن نفسه الا بشكل متشض حين ورد داخل الرواية بشكل عارض في الصفحات 442/456/470 وقد أضاءت قراءة الدكتور المختار النواري بعمق واستفاضة دلالات العنوان التي تؤدي الى نقطة العدم. 
اعتمد السرد في هذه الرواية على فكرة المذكرات وجاء تعريفها على لسان السارد وهو يخاطب طفلة بشكل مبسط كالتالي: "المذكرات يا صغيرتي هي عندما تحاول نقل يومياتك وماضيك بحلوه ومره إلى الورق" ص332
من حيث الموضوع تناولت الرواية حرب الابادة التي واجهتها البوسنة خلال التسعينات من القرن الماضي وتميزت المناولة بالترفع عن الخطاب الشاعري والتهييجي المتخندق وقدمت الموضوع من زاوية انسانية راقية تحسس الانا والاخر بآلام الحرب وتعي بعمق ما للموضوع من حساسية وراهنية بعيدا عن بكائيات الدين الاديولوجي وبعيدا عن التشدد العرقي لقد نأت الرؤية عن كل ذلك لوعيها الكبير بان خريطة البلقان وفضائع البوسنة وراءها اطراف ومحاور عالمية كبرى وضحيتها في النهاية الانسان سواء كان من موقع المشارك الجاني او الشاحن او المشحون او الضحية. من جهة اخرى كان المعترك الذي اختاره الكاتب مسرحا لالتقاء نحل وملل..ارتودوكس وكاتوليك..وسنة وشيعة..وكذا عرقيات: بوشناق وهرسك وصرب وكروات وسلاف وامريكان وعرب ويهود من روسيا والمغرب وفرنسا ولبنان.. وهذا هو ما يؤشر بعلامة كبيرة على المشترك الانساني الذي راهنت عليه الرواية.
البناء الروائي كان محكما للغاية خاصة وان الراوي المجهول وبريجيت التي تبنته، تنقلا بين الجزائر والمغرب بعين اللوح والرباط وفرنسا ثم البوسنة بسراييفو وموستار ونقلتنا قصة علي السولامي الى تندوف والى معتقل الرابوني. وتقاطعت الشخصيات بشكل محبوك ومشوق يستحق ان يقدم كعمل سينمائي ودرامي: احمد سيباهيتش. قاسم..الطبيب او الراوي المجهول. جيهان. بريجيت.العقيد رايلي. الأب فرانسوا. أحمد. مديحة بيتروفتش. نور ورامز كوستوفيتش. أميرة خافيروتش. الفقيه عبد السلام. برانكو...من مواقع ومواقف وجنسيات مختلفة لتشكل فسيفساء لوحة روائية مليئة بالتفاصيل لذلك يبدو الامر اشبه باعجاز أدبي ومن الصعب البرهنة على ثغرات او فراغات رغم وجودها. واعتقد هذه احدى نقط قوة العمل فهو ينم عن مجهود قل نظيره في البحث والجمع فلمن يستسهل العمل ويعتقد ان بامكان فيديوهات على اليوتوب او معلومات على الويكيبيديا ان تفي بالغرض ان يجرب فالعمل لم يكن تقنيا بحثا بل ابداعيا بامتياز ومن يقرا بمعدل صفحات في اليوم لن يجاري كاتبا موسوعيا نهما.
ورغم اجابات الكاتب حول اسئلتي على هامش مداخلتي بمناسبة تقديم وتوقيع الرواية بمكتبة سرتي يوم 10 مارس 2018 فان السرد في نظري اغفل مسألة تبرير وجود بطل الرواية في البوسنة. وقضية تلف أوراق المذكرات والفراغات التي خلفتها في نهاية المخطوط اذ يبقى من غير المنطقي ان تسلم اوراق الراوي التي تعود الى تاريخ قديم وتتعرض للتلف الاوراق الحديثة- هذا مع تسليمنا ان قصاصات الجرائد بمستوى طبعها وورقها هي الاكثر عرضة للتلف.- 
وقد أشرت في نفس المداخلة إلى تشابه أسلوب الرواة في حالات نادرة دلالة على سيادة أسلوب ولغة الكاتب وكان الكاتب موفقا في الرد اذ أكد انه بدل مجهودا كبيرا في مماهاة الشخصيات مع خطاباتها وهذا ما يؤكده فصل الحقيبة والتابوت الذي قدم فيه الكاتب بريجيت بلغة عنصرية مستقبحة.ص47.
وأخيرا اختم بعبارة أثارت الابتسام في حفل توقيع وتقديم الرواية بتارودانت وهي عبارة الصديق سعيد الهياق" الزين فالثلاثينات" لألفت عناية أصحاب الخمسينات والستينات والسبعينات الى ان يقرؤوا للجميع فالزين أو الابداع ليس حكرا على من شابت دوائبهم وهو لا يقاس بكم قضينا على هذه المعمورة لكنه ربما يقاس بكم قرأنا في الأوراق وفي الحياة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق